عمله امرؤ فكَر فيما يقرؤه غداً في صحيفته ويراه في ميزانه امرؤ كان عند همّه ذاكراً وعند هواه زاجراً امرؤ أخذ بِعِنان قلبه كما يأخذ الرجل بخِطام جَمَله فإن قاده إلى حق تبعه وإن قاده إلى معصية الله كفه‏.‏ إننا والله ما خُلقنا للفناء وإنما خلقنا للبقاء وإنما ننتقل من دار إلى دار‏.‏ خطبة للحجاج بالبصرة اتّقوا الله ما استطعتم فهذه لله وفيها مَثُوبة‏.‏ ثم قال‏:‏ واسْمعوا واطيعوا فهذه لعبد الله وخَليفة الله وحَبيب الله عبد الملك بن مَرْوان‏.‏ والله لو أمرتُ الناس ان يأخذُوا في باب واحد وأخذُوا في باب غَيْرِه لكانتْ دماؤُهم لي حلالاً من آلفه ولو قُتل ربيعُة ومُضر لكان لي حلالَاً‏.‏ عَذيري من هذِه الحَمْراء يَرْمي أحدُهم بالحَجَر إلى السماء ويقول‏:‏ يكونُ إلى أن يَقَع هذا خَيْر‏.‏ والله لأجعلنهم كأمْس الدّابر‏.‏ عَذِيري من عَبْد هُذَيل إنه زَعم أنه آمِن عند الله يقرأ القرآن كأنه رَجَز الأعراب والله لو أدركتُه لقتلُته‏.‏ خطبة للحجاح بالبصرة حِمَد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ إنَّ الله كفانا مَئُونة الدنيا وأمرنا بطَلب الآخرة فليت الله كفانا مؤونة الآخرة وأمرنا بطلب الدنيا‏.‏ ما لي أرى عُلماءكم يُدهنون وجُهالكم لا يَتعلمون وشِرارَكم لا يَتُوبون‏!‏ ما لي أراكم تَحْرِصون على ما كُفِيتم تُضيَعون ما به أمِرْتم‏!‏ إنَّ العِلْم يُوشك أن يُرفع ورَفْعه ذهابُ العلماء‏.‏ ألَا وإنَي أعلم بِشراركم من البَيْطار بالفَرس‏:‏ الذين لا يَقْرءون القرآن إلا هُجْراً ولا يأتونِ الصلاة إلا دًبْراً‏.‏ ألا وإنّ الدُّنيا عَرَض حاضر يأكل منها البَرّ والفاجِر‏.‏ ألَا وإنَ الآخرةَ أجَلٌ مُستأخر يَحكم فيه مَلِك قادر‏.‏ ألاَ فاعملوا وأنتم من الله على حَذَر واعلموا أنّكم مُلاقوه ليَجْزي الذين أساءووا بما عَمِلوا ويجزِي الذين أحسنوا بالحُسنى‏.‏ ألَا وإِنَّ الخيرَ كلَّه بحذافيره في الجَنَّة ألاَ وإنَ الشر كفَه بحذافيرهِ في النار ألاَ وإن مَن يَعمل مِثْقال ذَرّة خيراً يَرَه ومَن يَعملْ مِثْقال ذَرّة شراً يَرَه وأستغفر الله لي ولكم‏.‏ خطبة للحجاج خَطب الحجّاج أهلَ العراق فقال‏:‏ يأهل العِراق إنّي لم أجد لكم دواءً أدوى لدائكم من هذه المَغازى والبُعوث لولا طِيبُ لَيْلة الإياب وفَرْحة القَفل فإنها تُعقب راحة وإني لا أريد أن أرى الفَرَح عندكم ولا الرًّاحة بكم‏.‏ وما أراكم إلا كارهين لمَقالتي وإني والله لرُؤيتكم أكره‏.‏ ولولا ما أريد من تَنْفيذ طاعةِ أمير المُؤمنين فيكم ما حَمّلت نفسي مُقاساتَكم والصبرَ عليى النَّظر إليكم والله أسألُ حُسن العوْن عليكم ثم نَزَل‏.‏ خطبة للحجاج حين أراد الحج يأهل العِراق إنِّي أردت الحج وقد استخلفتُ عليكم ابني محمداً وما كنتم له بأهل وأوْصيتُه فِيكم بخلاف ما أوصى به رسولُ الله في الانْصار فإنه أوْصى أنْ يَقْبل من مُحسنهم ويتجاوز عن مُسيئهم وأنا أوْصيتُه أن لا يَقْبل من مُحسنكم ولا يَتجاوز عن مُسيئكم‏.‏ ألَا وإنكم قائلون بعدي مَقالةً لا يَمْنعكم من إظهارها إلا خَوْفي تَقولون‏:‏ لا أحْسن الله خطبة للحجاج قال‏:‏ خَرج الحجّاج يريد العراق والياً عليها في اثني عشر راكباً على النَّجائب حتى دَخل الكوفة حين انتشر النهار وقد كان بِشْر بن مَرْوان بَعث المُهلَّب إلى الحَرُوريِّة فبدأ الحجّاج بالمسجد فدخله ثم صَعِد المِنْبر وهو مُلَثَّم بعمامة حمراء فقال‏:‏ عليّ بالناس فحَسبوه وأصحابَه خوارج فَهموا به حتى إذا اجتمع الناس في المَسجد قام ثم كَشف عن وجهه ثم قال‏:‏ أنا ابن جَل أو طَلاَعُ الثَّنَايَا متى أضَع العِمامةَ تَعْرِفُوني صَليب العُود مِن سَلَفي رباحٍ كنَصْل السَّيف وضحاح الجَبِينَ وماذا يَبتغي الشُّعراءُ منّي وقد جَاوزتُ حَدِّ الأرْبعين أخو خَمْسين مُجْتمع أشُدِّي ونَجَّذني مُداورةُ الشُّئون وإني لا يَعود إليّ قِرْني غداةَ العَبْءِ إلّا في قَرِين أمَا والله إني لا حمل الشرّ بَحْملَه وأحذوه بنَعْله وأجْزيه بمثله وإنّي لأرى رءوساً قد أيْنعَت وحان قِطافها وإني لصاحبها وإنِّي أنْظر إلى الدِّماء بين العمائم واللَحى تَتَرقرق‏:‏ ثم قال‏:‏ هذا أوانُ الشَّد فاشتدِّي زِيَم قد لَفها الليلُ بسَوَّاق حُطَمْ ليس براعِي إبلٍ ولا غَنم ولابجزّار على ظَهَر وَضَم ثم قال‏:‏ قد لَفّها الليلُ بعَصْلبي أروَع خَرّاج مِن الدَوي مُهاجِر ليس بأعْرابيّ قد شَمَّرتْ عن ساقها فَشُدوا ما عِلَّتي وأنا شَيْخ إدّ والقَوْس فيها وَتر عُردُ مثلُ ذِراع البَكْر أو أشَدُّ إنّي والله يأهل العِراق ومَعْدِنَ الشِّقاقْ والنِّفاق ومَسَاوِي الأخلاق لا يُغْمَز جانبي كَتغْماز التّين ولا يُقَعْقع لي بالشِّنان ولقد فُرِزْتُ عِن ذكاء وفُتشت عن تَجْربة وأجْرِيت إلى الغاية القُصْوِى وإنّ أميرَ المُؤمنين نثر كِنَانته بين يديه ثم عَجَم عِيدانَها فَوَجدني أمرَّها عُوداً وأشدَّها مَكْسِراً فَوَجهني إليكم ورَماكم بي فإنّه قد طالما أوضعتم في الفتن وسنَنْتم سُنَن الغَي وايم الله لألْحونكم لَحْو العصا ولأقرعنّكم قَرْع المَرْوَة ولأعْصِبنّكم عَصْب السَّلَمة ولأضْربنَكم ضَرْب غَرائب الإبل‏.‏ أمَا والله لا أعد إلّا وَفَّيت ولا أخلُق إلّا فَريْت‏.‏ وإياي وهذه الشفعاء والزًرافات والجماعات وقالًا وقيلاً وما يقولون وفيم أنتم وذاك الله لتَسْتقيمُن على طريق الحق أو لأدعنّ لكُل رجل منكم شُغلاً في جَسده مَن وجدتُه بعد ثالثة من بَعْث المُهلّب سفكتُ دمَه وانتهبت مالَه وهدمتُ منزله فشمًر الناس بالخُروج إلى المهلَّب‏.‏ فلما رأي المُهلّب ذلك قال‏:‏ لقد وَلِي العراق خيرُ ذكر خطبة الحجاج فلما مات عبد الملك قام خطيباً فَحَمِد الله وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أيها الناس إنَّ الله تبارك وتعالى نَعى نبيّكم إلى نفسه فقال‏:‏ ‏"‏ إنك مَيَتٌ وإنَهم مَيِّتون ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ وما مُحمّد إلا رَسُولٌ قد خَلَتْ مِنْ قَبله الرُّسُل أفإنْ ماتَ أوْ قُتل أنقلبتم على أعْقابكم ‏"‏ فمات رسولُ الله ومات الخلفاء الراشدون المُهتدون المَهديُون منهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان الشهيد المَظلوم ثم تَبعهم مُعاوية ثم وَليكم البازل الذِّكر الذي جَربَته الأمور وأحكمته التًجارب مع الفِقْه وقراءة القرآن والمُروءة الظاهرة واللِّين لأهل الحقّ والْوطء لأهل الزًيغ فكان رابعاً من الوُلاء المُهذيين الراشدين فاختار الله له مما عنده وألحقه بهم وعَهد إلى شِهه في العقل والمروءة والحَزم والجَلَدٍ والقيام بأمر الله وخلافته