صفحة 45 من 120 الأولىالأولى ... 3543444546475595 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 177 إلى 180 من 477

الموضوع: رغـد : أنـت لــي (كتـير حلـوة)

العرض المتطور


  1. #1

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 33
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1405
    Array

    الحلقةالثالثةوالعشرون
    ********






    خرجت لإحضار بعض متطلبات المنزل في صباح اليوم التالي ، و قضاء بعض الحوائج .

    نمت الليلة الماضية على مقعد في الردهة ... بعدما أعياني التفكير المتواصل .

    عندما عادت دانة و أرادت الذهاب إلى سامر لتحييه منعتها ، و بنبرة حادة طلبت منها أن تلزم غرفتها حتى الصباح ...

    لم أكن أريد لشجار أن ينشب تلك الليلة ، أردت ُ فرصة يتمكن فيها الجميع من ترتيب أفكارهم و استيعاب حقائق الأمور .

    حين عدت ُ إلى المنزل وجدت أختي دانة جالسة في المطبخ في وضع يقلق ...

    قلت :

    " خيرا ؟ هل حصل شيء ؟؟ "

    قالت :

    " رغد المجنونة ! قررت تأجيل زفافها ! لا يفصلنا عن ليلة الزفاف غير ليال معدودة "

    صمت ، و لم أعقّب .

    قالت :

    " ألن نفعل شيئا ؟؟ "

    قلت :

    " دعيها هي تفعل ما تريد "

    تعجبت و استاءت في آن واحد ، و قالت :

    " تعني أن الأمر لا يزعجك ؟؟ "

    " ليس للحد الذي تتوقعين ... لا أريد أن يضطرها أحد لفعل مالا تريد "

    " لكن الزفاف بعد أيام ! سامر مستاء جدا ... إنه مشتعل كالبركان "

    شعرت بالضيق ، قلت :

    " هل تحدّثت ِ معه ؟ "

    " لم أكد ، تحدّثت ُ مع رغد ، ثم جاء و طلب منّي تركهما بمفردهما ... "

    انزعجت من الفكرة ، قلت :

    " أين ؟ "

    " في غرفتها "



    تركت الأكياس التي كنت أحملها تنساب من يدي و ذهبت إلى هناك .

    عندما اقتربت من الباب ، سمعت صوت أخي .

    كان يتحدّث بعصبية ... أصغيت فإذا بي أسمع رغد تتحدث باكية .

    لم أحتمل ، طرقت الباب و قلت بحدة :

    " سامر "

    ثوان ٍ و إذا بالباب ينفتح و يخرج أخي .

    كان مكفهر الوجه مقطب الحاجبين متورم الأوردة .

    " نعم ؟ "

    نظرت إلى ما ورائه فرأيت رغد ، و وجهها الكئيب المبلل بالدموع .

    قلت :

    " أرغب في التحدث معك "

    " فيما بعد يا وليد "

    ألقيت نظرة أخرى على رغد فطأطأت الأخيرة برأسها بأسى و استسلام . قلت :

    " الآن يا سامر "

    قال بعصبية :

    " ألا ترى أنني مشغول بالنقاش مع خطيبتي ؟ "

    و مجرد نسبها إليه يحرّض شياطين رأسي على الشر و القتال .

    قلت ُ و الدماء تصعد إلى وجهي و النار تشتعل شيئا فشيئا :

    " حسنا ، لكن ... بهدوء ... لا أريد لأي دمعة أن تراق "




    و انصرفت .

    بقيت ُ جالسا على مقربة ... أضرب أخماسا بأسداس ... و أشد قبضتي و أرخيهما بين فينة و أخرى .

    بعد قرابة الساعة ، سمعت ُ الباب يفتح فنهضت مسرعا ... رأيت سامر يمشي أمامي فلما رآني قال :


    " سوينا الأمور "

    قلت ُ بذهول و خوف :

    " ماذا تعني ؟ "

    قال :

    " سنتم الزواج كما خططنا له "

    أدق الشعيرات الدموية في وجهي أحسست بها تتفجر فجأة .

    قلت :

    " و رغد ؟؟ "

    قال :

    " أقنعتها "

    قلت :

    " أقنعتها ؟؟ أم أجبرتها ؟؟ "

    قال بعصبية :

    " اذهب و اسألها لتتأكد بنفسك "

    سرت من فوري نحو غرفة رغد . طرقت الباب و قلت :

    " أنا وليد "

    لم أسمع جوابا . قلت :

    " أ أدخل ؟ "

    " نعم "

    سامر كان يقف خلفي .

    فتحت الباب و رأيت رغد تجلس على السرير تخفي نظرها تحت قدميها .

    قلت :

    " صغيرتي "

    ترددت قليلا ثم رفعت رأسها و نظرت إلي . كنت ُ أرى في عينيها نظرات الخوف و الاستسلام . ربما هذا ما جعلها تتردد في النظر نحوي . قلت :

    " هل كل شيء على ما يرام ؟ "

    نظرت نحو سامر ثم نحوي و قالت :

    " نعم "

    لم أرتح للإجابة مطلقا ، قلت :

    " و الزفاف ؟؟ نؤجله أو نقيمه ؟ "

    قالت :

    " نقيمه "

    صمت برهة ثم قلت :

    " أ واثقة من ذلك ..؟ أخبريني بما تريدينه أنت ِ لا ما يريده سامر و الجميع "

    رغد نظرت نحو سامر ثم قالت :

    " نعم . واثقة "

    قلت :

    " إذن لماذا أخبرتني بأنك لست ِ مستعدة للزواج الآن ؟؟ لماذا غيرت رأيك بهذه السرعة ؟؟ "

    لم تجب . قلت :

    " هل يجبرك سامر على شيء ؟ "

    سامر قال بعصبية :

    " و لماذا أجبرها ؟ بربّك يا وليد دع الأمور تسير كما هي "

    التفت إليه و قلت :

    " ابتعد أنت ، و دعني أتحدث معها بحرية "

    قال :

    " بل ابتعد أنت ، لاحظ أنك تتحدّث إلى خطيبتي أنا "

    هيجتني الكلمة مرة أخرى و أيقظت من كان نائما من شياطيني ... قلت بانفعال :

    " ابتعد يا سامر و لا تدعني أفقد أعصابي من جديد "

    و التفت إلى رغد و قلت :

    " اسمعي يا رغد ، لن يحدث شيء لا تريدينه أنت ِ . إياك و الخوف من شيء . فإن كنت ترغبين في تأجيل الزواج فأخبريني الآن بصراحة ... هل تريدين الزواج الآن أم أنك مضطرة إليه ؟؟ "


    رغد طأطأت برأسها من جديد و أخفت وجهها خلف يديها و أجهشت بكاءً .

    ثار جنوني و أنا أراها هكذا ... التفت نحو سامر الذي لا يزال يقف خلفي و قلت :

    " لن يقام هذا الزفاف و أنا حي أرزق "

    سامر صاح بعصبية :

    " وليد لا شأن لك بهذا "

    " لن أسمح لأحد بأن يرغم صغيرتي على شيء مطلقا "

    " من قال أننا نرغمها ؟؟ "

    و التفت نحو رغد و قال بعصبية :

    " هل أنا أرغمتك ؟؟ أخبريه "

    رغد وقفت و أولتنا ظهرها و صاحت :

    " دعاني و شأني . سأفعل ما تريدون جميعا . دعوني وحدي "

    قلت :

    " أ رأيت ؟ "

    سامر دخل الغرفة و اتجه نحوها و أمسك بكتفيها و أدارها باتجاهنا و هو يقول :

    " واجهينا يا رغد ... قولي له أنك قررت ِ ذلك و لم يجبرك ِ أحد "

    رغد قالت بعصبية :

    " بل أجبرتموني "

    حملقنا كلانا فيها ، و قال سامر :

    " من أجبرك ؟ "

    قالت :

    " كلكم . و إن ليس بشكل مباشر. ليس أمامي إلا الرضوخ لقدري . لما تريدون أنتم جميعا .. لما تخططون أنتم جميعا .. كلكم "

    أنا و سامر تبادلنا النظرات الحادة ...

    قال :

    " إذن فأنت ِ لا تريدين الزواج الآن ؟؟ "

    قالت بعصبية و هي تصرخ في وجه سامر :

    " لا ... لا ... لا "

    كان سامر يمسك بكتفيها ، لكن يده تحركت الآن ... و فجأة سددت صفعة إلى وجهها ... أمام عيني ...


    ربما لم يكن في الصفعة من القوة ما يحدث الألم الجسدي بمقدار ما كان فيها من إيلام معنوي ... صاحت صغيرتي :

    " آي "

    و وضعت كفها على خدها المتألم ...

    أنا .. أرى صغيرتي .. مدللتي .. حبيبتي رغد .. تتلقى صفعة على وجهها من يد كائن بشري ... أي ٍ كان .. أمام عيني هاتين ؟؟

    " سامر ! أيها الوغد ... كيف تجرؤ ؟؟ "

    و قبل أن أدع له الفرصة حتى ليلتفت إلي قفزت ُ قفزة واحدة باندفاع إليه و انقضضت عليه ، و ووجهت لكمة قوية فتاكة نحو وجهه ...

    تلاها سيل متواصل من القذائف التي أشبعت بها جسد أخي من رأسه حتى إخمصي قدميه ...

    الرغبات التي كبتها في صدري منذ الطفولة و حتى الآن ... و لم أجرؤ على التعبير عنها خرجت كلها من داخلي دفعة واحدة ...

    ضربته بوحشية و عنف لم أضرب بهما سواه ، و لم أضرب بهما مثيله منذ سنين

    صرت أرفع فيه و أخفض ... و أهز و أرمي ... و ألكم و أرفس .. و ألوي و أثني .. و أمارس كل أنواع الضرب المبرح التعذيبي الذي تلقيته في السجن على أيدي العساكر ... في جسد أخي ...

    جن جنوني و لم أتمالك نفسي ... لم أملك منعها أو إيقافها ... ضربت و ضربت حتى أصاب عضلاتي الإعياء و تصبب العرق من جسدي كله ... و نفذ الهواء من غرفة رغد فما عدت بقادر على التنفس ...

    و لم يكن أخي يقاوم أو يدافع ... بل استسلم لضرباتي.. لا أدري أمنعه من صدها الذهول أم العجز ؟؟

    لم أنته من درس الضرب هذا إلا بعد أن فرغت شحناتي كلها .. و تطايرت شياطيني من رأسي واحدا بعد الآخر ...

    يداي كانتا تطوّقان عنقه بينما كنت أجثو على صدره ... أكاد أخنقه ...

    لا أعرف ما الذي جعلني أتوقف ...

    قلت و أنا أشد الضغط على عنقه تارة و أرخي قبضتي تارة :

    " ألا تعرف ما الذي أفعله بمن يتجرأ على إيذاء صغيرتي ... ؟؟ "

    شددت الضغط و سامر ينظر إلي بفزع و خوف ...

    قلت :

    " أقتله ... "




    و تراءت لي صورة عمّار و هو يبتسم ابتسامته الأخيرة للدنيا ... قبل أن أكسر جمجمته بالصخرة ...

    حررت عنق أخي من قبضتي فجأة ... و نهضت كالمجنون ... أتلفت يمينا و يسارا ... كأنني أبحث عن عمّار ... خيّل إلي أنه معي الآن ...

    لكن عيني ّ وقعتا على أربع أعين تنظر إلي بذعر و فزع و ذهول

    اثنتان منها تخصان أختي دانة ، و الأخريان المغمورتان بالدموع هما عينا صغيرتي المذعورة رغد ...

    مشيت نحو رغد ، فسارت هي للوراء خوفا ... حتى اصطدمت ْ بالجدار ...

    و لمّا صرت ُ أمامها مباشرة قلت :

    " زواجك من هذا المخلوق منته تماما ، و إن حاول أي شخص إرغامك على أي شيء ، فويل له مني "



    خرجت بعد ذلك من الغرفة و من المنزل و إلى الفناء الخارجي ... أفرغ ما تبقى من غضبي في السجائر ...


    بعد قرابة الساعة و النصف حضرت السيدة أم حسام لزيارة رغد .






    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 33
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1405
    Array

    الحلقةالرابعةوالعشرون
    *********





    كلما تذكّرت الدمعة الحبيسة في عين سامر، التي كاد يطلقها لحظة عناقنا الأخير.. تفجرت عوضا عنها عشرات الدموع من محجري.

    لم يكن ما فعلته شيئا يغتفر.. إنه سامر رفيق الطفولة و الصبا و المراهقة.. إنه أعز إنسان لدي.. لكنه ليس الأحب..

    في صباح اليوم، عندما رأيته.. تلوّت أمعائي و أصابني مغص شديد مفاجئ للكدمات التي شوهت ما لم يكن مشوها من جسده النحيل.

    حين حاولت التحدّث إليه لم يرد علي، حتى بدأت أقنع نفسي بأن اللكمات التي تلقاها فكه قد أعجزته عن النطق ، إلا أنه تحدّث مع دانة التي انفردت به مطولا في غرفتها .

    بالتأكيد كان حوارهما يدور حولي و حول ما سببته من مشكلة معقدة بغبائي و تهوّري...

    و كل هذا، لأنني اكتشفت أنني أحب وليد !

    أحب رجلا وحشا مفترسا... لم يسبب لي منذ ظهوره في حياتي من جديد غير الألم و المعاناة...

    و لو استهلكت كل كلمات الندم الموجودة على وجه الأرض، ما كفاني ذلك لأعبّر عما أشعره هذه اللحظة من الذنب...

    الآن، أنا فتاة طائشة ناكرة للجميل و المعروف، حطّمت قلب الرجل الذي يحبها و يتلهف لإسعادها، من أجل رجل لم تعرف عن حقيقته شيئا أكيدا، غير أنها تحبه.. وتتمناه.. و حينما يعود والداي، و يرحل وليد، كما رحل سامر، فإن كل شيء سينتهي.. و أفقد عائلتي.. و أعود يتيمة وحيدة كما قدمت إليهم قبل 15 عاما...

    بين الفينة و قرينتها تجيء ابنة خالتي نهلة لتتفقدني، فتراني كما تركتني.. أهيم في أفكار بائسة لا نهائية.. في ضياع و تشتت.
    كنت أحاول النوم على سريرها، إذ أنني قضيت الليلة الماضية ساهرة سهر النجوم.. وحيدة وحدة القمر.. باكية بكاء المطر.. تعيسة تعاسة السواد المخيم على السماء... تتلاعب بي الأفكار تلاعب الرياح بورقة شجر صفراء جافة.. فقدت فرعها و أصلها و جذرها و تاهت في صحراء لا نهاية لا.. و لا بداية.


    " أما زلت ِ مستيقظة ؟ "

    سألتني نهلة و القلق الشديد يتملكها و يحوّل وجهها البشوش الصريح إلى مغارة من الغموض و الحيرة..

    قلت:

    " أنى لعيني النوم يا نهلة، و قد فعلت ُ ما فعلت ؟ .. غدا مساءا سيعود والداي.. ماذا أقول لهما ؟ يا إلهي لا أريد أن أريهما وجهي.. "

    " هّوني عليك يا رغد، لستِ أول و لا آخر فتاة تحل ارتباطها من خطيبها بعد سنين من الخطوبة ! لا عليك يا ابنة خالتي.. هل تعتقدين أنهم سيطردونك من المنزل مثلا من جراء فعلتك هذه ؟؟ "

    قلت:

    " لا أستحق العيش تحت كنفهم بعد الآن... بل لا أجرؤ على العودة إليهم ! أوه لو رأيت الطريقة التي خاطبتني بها دانة هذا اليوم.. "

    و تذكّرت كلماتها القاسية التي وجهتها إلي بعد مغادرة سامر، مكسور الخاطر...

    قالت نهلة:

    " و منذ متى كانت طيبة معك ! إنها دائما قاسية عليك، دعك ِ منها.. لكن عندما تعود أمك يا رغد، أخبريها بحقيقة الأمر.. أخبريها بأنك لم تحبي سامر يوما و أنك... تحبين وليد !"

    قلت بأسى و اعتراض:

    " مستحيل ! لا يمكن أبدا... و لا بشكل من الأشكال ! كيف يا نهلة كيف ؟؟ و ماذا سأجني من قول هذا ؟ أم تظنين أنها ستقول : لا بأس ، ننقلك من سامر إلى وليد ، بهذه البساطة ؟؟ "


    و جعلت أندب حظي الذي أوقعني في مأزق كهذا..

    " ليته لم يسافر و يتركني.. ليته لم يعد ! ليتني أستطيع التوقف عن التفكير به ! ليته يحس بي... ليت معجزة سماوية تجعله يرتبط بي و تجعل سامر ينساني.. ليته يختفي من حياتي و قلبي.. ليته يظهر الآن و ينتشلني من كل هذا ! "


    و حشود من الأمنيات تمنيتها في عجز عن تحقيق أي منها... أو حتى تخيّل تحقيقها.. إلا أن واحدة منها تحققت فورا !

    طرق الباب هاهنا و دخلت سارة و قالت:

    " قريبك الكبير أتى يا رغد "


    نظرت نحو سارة بقلق مفاجىء و انعقد لساني، فتحدّثت نهلة بالنيابة و قالت :

    " من تعنين سارة ؟؟ "

    قالت :

    " وليد الطويل ! "


    أنا و نهلة تبادلنا النظرات ذات المعنى، ثم قلت:

    " ماذا يريد ؟؟ "

    سارة قالت وهي مبتهجة:

    " سأل أولا عن والدي و أخي، و كلاهما غير موجود ! ثم قال: ( هل ابنة عمي رغد هنا ؟ ) قلت ( نعم ) قال: ( هل لا استدعيتها من فضلكِ يا آنسة ؟).. قال عنّي آنسة ! "

    و بدت مسرورة بهذا الاكتشاف العظيم ! إنها آنسة ! ما أشد فراغ رأس هذه الفتاة !
    يبدو أنها المرة الأولى التي تسمع فيها أحدا يطلق عليها هذا اللقب !

    قلت:

    " أين هو ؟"

    قالت:

    " في الخارج ! عند الباب "

    نظرت إلى نهلة و قلت:

    " لا أريد العودة إلى البيت.. لابد أنه جاء لاصطحابي إلى هناك. لن أذهب "

    و سرعان ما كانت سارة على وشك الذهاب إليه و هي تقول:

    " سأخبره بذلك "

    نهلة صرخت:

    " انتظري سارة ! ما بالك ما أن تلتقط أذناك كلمة حتى أسرع لسنك ببثها ؟ اذهبي و أخبري أمي عن قدومه حتى تتصرف ! "

    و انصرفت سارة مذعنة للأمر ! و بكل سرور !

    بعد ثوان حضرت خالتي، و قالت:

    " سأذهب للتحدث إليه، لا تقلقي "



    إلا أن قلقي بدأ يتضاعف هذه اللحظة...

    ذهبت خالتي ثم عادت بعد دقيقتين تقول:

    " يرغب في التحدث معك، تركته واقفا في الحديقة "

    هممت بالنهوض، فقالت:

    " ما لم ترغبي في ذلك فسأصرفه "

    قلت:

    " لا داعي خالتي. سأصرفه بنفسي "

    و تلوت ُ بعض الآيات في صدري لتمنحني القوة على الوقوف أمامه من جديد !

    في الحديقة الصغيرة الأمامية للمنزل، وجدت وليد واقفا على مقربة من الباب. سرت إليه أجر قدميّ جرا... في خوف و اضطراب.

    كنت أعلم أن خالتي و ابنتيها يراقبنني من النافذة !

    حينما صرت ُ أمامه، بادر هو بإلقاء التحية ، ثم سألني :

    " أ أنت بخير ؟؟ "

    إنه سؤال عادي جدا يتداوله الناس عشرات المرات في اليوم لعشرات الأسباب ، إلا أنني احتجت وقتا قياسيا للتفكير في الإجابة !

    هل أنا بخير ؟؟

    لما رأى وليد ترددي و حيرتي قال:

    " تبدين بحال أفضل.. "

    نطقت لا إراديا بصوت خفيف:

    " نعم "

    قال:

    " هل نعود إلى البيت إذن ؟؟ "

    هنا تحدثت ُ بصوت عال مندفع:

    " لا ! "

    فوجىء وليد بردي فقال:

    " لم ؟ إنها الثامنة.. هل تودين البقاء أكثر ؟؟ "

    قلت:

    " نعم "

    " إلى متى ؟ تأخر الوقت ، دعينا نعود فقد تركت ُ دانة وحدها "

    " لا ! "

    بعد وهلة واصل وليد كلامه:

    " هل تنوين المبيت هنا ؟؟ "

    " نعم "

    " هذه الليلة فقط ؟ "

    " لا "

    " كل ليلة ؟؟ "

    " نعم "

    " أتمزحين ؟؟ "

    " لا "

    " إذن فأنت جادّة ؟؟ "

    " نعم "

    " و هل تظنين أنني سأسمح بهذا ؟ "

    " لا "

    لم أكن أنظر إلى وليد بل إلى الحشيش الأخضر المغطي للأرض... في تشتت.. لكنه حين قال:

    " لا أم نعم ؟؟ "

    انتبهت ُ لسؤاله الأخير، و لجوابي الأخير... و رفعت عيني إليه بارتباك و قلت:

    " نعم.. أعني بالطبع نعم "

    قال:

    " بالطبع لا "

    كانت نظرته مليئة بالإصرار.. ، قال:

    " فلنعد إلى البيت يا رغد "

    قلت:

    " لا "

    قال :

    " أليس لديك تعليق غير نعم و لا ؟ دعينا نذهب الآن لأنني لا أريد ترك دانة بمفردها أطول من هذا "

    " لا أريد العودة، سأبقى هنا"

    " لماذا ؟ "

    " أريد البقاء مع خالتي.. أريد بعض الهدوء و الطمأنينة بعيدا عنكم "

    يبدو أن كلماتي قد ضايقت وليد لأن تعبيرات وجهه الآن تغيرت .. قال:

    " غدا سيعود والداي و نضع حدا لكل شيء. ستسوى الأمور بالشكل الذي تريدينه أنت ِ .. لا تقلقي و لا تضطري نفسك للتضحية.. "

    قلت:

    " لكن سامر لا يستحق.. لا يستحق ما سببتُه له، و لا ما فعلت َ أنت به.. مسكين سامر.. "

    و حتى تعاطفي مع سامر أزعجه و زاد من حدّة تعبيرات وجهه الغاضبة.. قال:

    " ستسوّى الأمور غدا أو بعده. لن أسافر قبل أن أتأكد من أن كل شيء يسير على خير ما يرام "

    و كلمة أسافر هذه دقّت نواقيس الخوف في صدري... قلت بسرعة:

    " تسافر ؟ هل ستسافر ؟ "

    قال:

    " سيعود والدي و تنتهي مهمّتي "

    و كم قتلتني جملته هذه... ألا يكفيني ما أنا به حتّى يزيدني هما فوق هم ؟؟

    قلت:

    " و زفاف دانة ؟ "

    تنهّد و نظر إلى السماء.. و لم يجب.

    قال بعدها:

    " هيا رغد "

    لم أشأ العودة... فلأجل أي شيء أعود ؟ لأجل أن أذرف المزيد من الدموع.. لأجل أن أعيش المزيد من الحسرة ؟؟ ألأجل أن أراه و هو يرحل من جديد ؟؟ نعم، فهو قد جاء في مهمة محددة أنجزها و سيغادر..

    كرر:

    " هيا يا رغد ! "

    قلت باعتراض:

    " لن أذهب معك. سأبقى هنا لحين عودة أمي "

    ازداد استياؤه و قال بما تبقى له من صبر:

    " رجاءا يا رغد.. هيا فأنالا أحبذ أن تباتي خارج المنزل "

    " لكنه بيت خالتي و قد اعتدت على هذا "

    " عندما يعود أبي افعلي ما تشائين و لكن و أنت ِ تحت رعايتي أنا، لا أريد أن تباتي في مكان بعيد عني "

    " لماذا ؟ "

    " لن أشعر بالراحة لذلك و أنا متعب بما يكفي، و لا ينقصني المزيد من القلق. تعالي معي الآن "

    شعرت بالغيظ من كلامه. من يظن نفسه ليتحكم بي هكذا ؟ إذا كان أبي لا يمانع من مبيتي في بيت خالتي من حين لآخر فما دخله هو ؟؟

    " لن آتي "

    قلتها بتحد ٍ، فنظر إلي بعصبية و صرخ بحدّة:

    " رغد ! "

    انتفضت ُ من جراء صرخته المخيفة هذه.. و حدّقت به مذعورة.. تتسابق نبضات قلبي لدفع الدماء خارجه عشوائيا..

    عيناه كانتا متمركزتين على عيني و حاجباه مقطبين و وجهه غاضب عابس مرعب.. يثير الفزع في نفس من لا يهاب الوحوش !

    تراجعت إلى الوراء خطوتين في هلع.. كنت أتمنى لو تستطيع رجلاي الركض، إلا أن الفزع صلّب عضلاتهما و جمّد حركاتهما..

    وليد مد يده نحوي فارتعدت.. في خشية من أن يلطمني.. لكن يده توقفت في منتصف الطريق... قلت ُ باضطراب و ارتجاف:

    " سـ .. أحضر.... حـ .. ـقيبتي "

    و استدرت ُ مرعوبة و جريت بضع خطوات فارة، إلا أنه ناداني مجددا:

    " رغد "

    تصلبت ُ في مكاني و رجلي معلقة فوق الأرض.. ثم

    التفت إليه بخوف يفوق سابقه.. ماذا الآن؟ هل ينوي صفعي أو ماذا ؟؟

    أراه يقترب مني أكثر و لا أقوى على الفرار.. حين صار أمامي مباشرة نظر إلي بعمق.. و قال:

    " رغد.. ما بالك فزعت ِ هكذا ؟؟ "

    لم أنطق و لم يخرج من فمي غير تيارات الهواء السريعة اللاهثة..

    وليد حدّق بي بانزعاج و مرارة و قال:

    " رغد ! هل تظنين أنني سأؤذيك بشكل من الأشكال ؟؟ "

    ثم تابع:

    " أنت ِ مجنونة إن فكّرت ِ هكذا "

    نظر إلى أصابعي المتوترة المرتعشة، ثم إلى عيني المفزوعة ثم تنهد بضيق و قال :

    " حسنا، سوف أمر بك غدا قبل أن نذهب لاستقبال والدي ّ.. لكن إذا أردت الحضور قبل ذلك فأعلميني و لا تطلبي ذلك من ابن خالتك.. "

    ما زلت أحدّق به نصف مستوعبة لما يقول...

    قال بصوت خفيف دافىء:

    " اعتني بنفسك.. صغيرتي "

    ثم ختم:

    " تصبحين على خير "

    و استدار.. و سار مبتعدا.. و غادر المكان.

    بقيت أنا أراقبه حتى غاب... و غاب معه قلبي و حسّي...

    سرت ببطء عائدة إلى الداخل فوجدت الثلاث في انتظاري.. سألت خالتي:

    " إذن ماذا ؟ "

    قلت:

    " سيأتي غدا... "

    و صعدت ُ أنا و نهلة إلى غرفتها من جديد...

    قالت:

    " ب*** ِ مضطربة رغد ! ماذا قال لك ؟؟ "

    أمسكت بيديها و قلت:

    " نهلة.. سأجن.. لا أعرف لم أصبح هكذا ؟ إنه مخيف ! "

    " رغد ! ماذا قال ؟؟ "

    " لا أذكر ما قال ! ماذا قال ؟؟ لا أدري نهلة إنني أفقد تركيزي حين يكون على مقربة ! لا أعرف ما الذي يصيبني ؟؟ "

    و لم أتمالك نفسي... تفجرّت عيناي بسيلين متوازيين من الدموع الدافئة تسابقا على تبليل خديّ الحزينين...

    " رغد.. عزيزتي تماسكي "

    " إنه سيسافر.. من جديد يا نهلة سأحرم من وجوده.. من رعايته.. من أن أراه.. و أتعلّق به.. و اسمعه يناديني ( يا صغيرتي ) كما كان يفعل منذ طفولتي.. لا أحد يناديني هكذا حتى الآن.. كيف سأتحمّل عودة حياتي خالية منه و قلبي أجوف لا يسكنه أحد ؟ سأجن يا نهلة إن تركني و غادر.. لا أحتمل ذلك.. أنا أحبه كثيرا يا نهلة كثيرا.. إنه كل شيء بالنسبة لي.. ما أنا فاعلة من بعده ؟ أخبريني ماذا أفعل ؟ ماذا ؟ "

    و لم أر غير الظلام و السواد الذي غلّف حياتي و بطّنها أسفا على وليد قلبي...

    و رغم الآلام و التعب.. و الإعياء الذي أعانيه.. ضل النعاس طريقه إلى عينيّ حتى ساعة متأخرة من تلك الليلة المشؤومة...





    ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~







  • #3
    الحالة : ابو عمر غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 2283
    المشاركات: 2,076
    معدل تقييم المستوى : 362
    Array

    ايوااا بلشت الغيرة .....
    احداث مشوقة ......
    شكرا الك دمعة .
    تقبلي مروري


  • #4

    ۞لَا إلَه إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله ۞

     

    الحالة : دمعة فرح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jul 2010
    رقم العضوية: 1921
    الدولة: ملتقى المغتربيين السوريين
    الإهتمامات: الانمي
    العمر: 33
    المشاركات: 11,160
    الحالة الإجتماعية: مخطوبــة
    معدل تقييم المستوى : 1405
    Array

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عمر مشاهدة المشاركة
    ايوااا بلشت الغيرة .....
    احداث مشوقة ......
    شكرا الك دمعة .
    تقبلي مروري
    مشرف الصفحات بحضورك المميز ابو عمر
    اتمنى لك متابعة ممتعة
    .....

  • صفحة 45 من 120 الأولىالأولى ... 3543444546475595 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 4 (0 من الأعضاء و 4 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. لا تعـوّدني على [ قـربك ] كثـير
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-11-2010, 05:13 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1