صفحة 5 من 16 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 17 إلى 20 من 63

الموضوع: عابر سرير - أحلام مستغانمي

العرض المتطور


  1. #1
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 260
    Array

    صباح نحوموتهم, يستعدون لمواجهة الموت بالصلاة حيناً, وبالآثام الأخيرة أحياناًأخرى.


    غير أن قبولي دعوة فرانسواز لقضاء " وقت ممتع" كان يحمل فرحةمشوبة بذعر لم أعرفه من قبل, خشية أن تخونني فحولتي عند اللقاء. حتى إنني, قبل ذلكبليلة, تذكرت مغنية أوبرا شاهدتها تقول في مقابلة تلفزيونية إنها في الليلة التيتسبق حفلاتها تعيش كابوساً مزعجاً ترى فيه نفسها تقف على المسرح وقد فقدت صوتها, مما يجعلها تستيقظ مذعورة كل مرة, وتجلس في سريرها لتجرب صوتها إلى أقصاه, كي تطمئنإلى قوته, ثم تخلد إلى النوم.
    تراني بلغت عمر الذعر الذكوري, وذلك الخوف المرضيمن فقدان مباغت للفحولة, في تلك اللحظة الأكثر احتياجاً لها, أمام الشخص الذي تريدإدهاشه بالذات؟ أكل رجل هو مغني أوبرا مذعور, لا يدري لفرط صمت أعضائه كيف يختبرصوت رجولته!

    فرانسواز وجدت في تمنعي وعدم استعجالي الانفراد بها, شيئاًمغرياً ومثيراً للتحدي الأنثوي الصامت, ومثيراً أيضاً للاحترام. خاصة بعدما اعتذرتعن قبول عرضها الذي أظنه كان نابعاً من طيبتها في استضافتي بعض الوقت في بيتها, لتوفر علي مصاريف الإقامة المكلفة. قالت مثبتة حسن نواياها:
    -
    عندي غرفة إضافيةيحدث أن يقيم فيها لبعض الوقت الأصدقاء العابرون لباريس, ومعظمهم من معارف زيان. آخر من شغلها زوجة مدير معهد الفنون الجميلة في الجزائر التي اغتيل زوجها وابنهاداخل المعهد. كانت فكرة هذا المعرض لدعم عائلات المبدعين من ضحايا الإرهاب بمبادرةمنها, ولهذا ارتأيت أن أستقبلها في بيتي لحاجتها إلى دعم نفسي كبير بعد هذهالمحنة.
    لم تكن فرانسواز تدري أنها قالت العبارة التي كانت تكفي لإقناعي بأي شيءتعرضه علي بعد الآن.
    سألتها مندهشاً:
    -
    وهل زيان يقيم في بيتك؟
    أجابتضاحكة:
    -
    أجل , وإن شئت أنا من يقيم في بيته. فعندما عاد إلى الجزائر ترك ليالبيت لفترة طويلة, ثم عرضت عليه بعد ذلك أن أتقاسم معه الإيجار. لقد كان الأمريناسبني تماما. يدفع نصف إيجار البيت مقابل أن يشغله أحياناً عندما يزور باريس. إنني محظوظة حقاً. فهذا البيت جميل, ولم يعد بإمكانك العثور بسعر معقول على شقةكهذه تطل على نهر السين!
    لم أعد أصدق ما أسمع. سألتها:
    -
    وهل الشقة تطل علىجسر ميرابو؟
    ردت متعجبة:
    -
    هل زرتها؟
    كنت سأبدو مجنوناً لو أخبرتها أننيسبق أن زرتها في رواية.
    فأجبت بهدوء كاذب:
    -
    لا .. قلت هذا لأنني أحب هذاالجسر, وتمنيت لو كان الأمر كذلك.
    -
    إنه فعلاً كذلك.. ولذا بإمكانك أن تزورالشقة كلما شعرت برغبة في رؤية ذلك الجسر.
    سألتها فجأة مجازفاً بكبريائي:
    -
    أما زال عرضك قائما باستضافتي لبعض الوقت في بيتك؟
    -
    طبعاً..
    ثم واصلت:

    - Oh.. mon Dieu.. comme tu me rappelles
    Ziane c'est fou.. tout ca pour un pont!
    طبعا.. كانت على خطأ. لم يكن " كل هذا بسبب جسر". وربماكانت في خطئها على صواب, مادامت قد صاحت " يا إلهي كم تذكرني بزيان".
    ذلك أن هذاالجسر ماكان بالنسبة لكلينا مجرد... جسر.
    أضافت:
    -
    بالمناسبة.. سيكون افتتاحمعرض زيان بعد يومين. أتمنى أن أراك هناك.
    أجبتها وأنا أفكر في كل ما ينتظرني منمفاجآت بعد الآن:
    -
    حتماً.. سأحضر.
    █║S│█│Y║▌║R│║█


رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 260
    Array

    ثغرها: كيفأضاجع امرأة لا تغريني شفتاها الرفيعتان بتقبيلهما؟
    كنت أجد شجاعتي في مواجهةشفتيها بالتفكير في زيان, الذي حتماً سبقني إلى ذلك. أخاله مثلي كان يعاشرفرانسواز, مستحضراً حياة. فهل اكتشف قبلي أن زيف القبلة أكثر بؤساً من زيفالمضاجعة؟!
    حتماً, كان السرير في ذلك الموعد الأول مزدحماً بأشباح من سبقونيإليه, ووحدي كنت أشعر بذلك محاولاً استنطاق ذاكرته.
    أسرّة تراكمت فيها الخطايا, تتوقع منها خرق قاعدة الكتمان. أحقاً تريد لذلك " المخدع" أن يكسر قانون الصمت.. وينطق؟
    صمت الأسرّة إحدى نعم الله علينا, ما دمنا, حيث حللنا, جميعنا عابريسرير.
    أدري ارتباك جسدين يلتقيان لأول مرة, ولم يبتكرا لغتهما المشتركة بعد. لكنكان واضحاً أننا ما كنا نملك الأبجدية نفسها للتحاور.
    كنت أكره امرأة تصرخ لحظةالحب. ففي كل صراخ مراوغة لا تخلو من نوايا الغش النسائي. كنت لا أعرف للمتعة إلااحتمالين: أن تبكي امرأة, أو يغمى عليها. فلا متعة دون بلوغ وعي الإغماء. كطائرمحلق فارد جناحيه ولا يسمع لتحليقه خفقاً. المتعة حالة غيبوبة شاهقة الصمت.
    كانتفرانسواز لا تعرف صمت كائنين لحظة توحد. كانت تموء كقطة, تنتفض كسمكة, تتلوى كأفعى, وكلبوءة تختبر ذلك العصيان الشرس في مواجهة الذكورة. كانت كل إناث الكائنات. وكنترجلاً لا يدري كيف يتدبر لجاماً لتلك المهرة الجامحة.

    كان للحب مع فرانسوازمذاق الفاكهة المجففة. وكنت أحتاج فجأة إلى وحدتي, حاجة رجل مهموم إلى تدخين سيجارةفي الفناء.
    انتهى الحب. وها أنا أرتعد عارياً كجذع شجرة جرداء.
    لا أكثر كآبةمن فعل حب لا حب فيه, بعده تعتريك رغبة ملحة في البكاء. إنها خيانتك الأولى لامرأةقد تكون خانتك منذ ذلك الحين كثيراً. وأنت لست حزيناً من أجلها.. بل من أجلك. بعدتلك المتعة, تشعر فجأة بالخواء, ينقصك شيء ما, لا تدري ما هو.
    كنت تظن أنكبنزوتك الأولى تلك, ستمحو, كما بإسفنجة, آثار ما علق بك من زرقة الألم. ولكن, كمالو كنت تمرر إسفنجة لتنظيف سبورة من الطباشير, إذا بك تزيد اللوح ضبابيةوتلوثاً.
    أليست هي التي قالت مرة أثناء حديثها عن معاشرة زوجها مكرهة:" لا بد أنتوضع على أبواب غرف النوم " ممنوع التلويث" كما توضع في بعض الأماكن شارات لمنعالتدخين.. ذلك أننا نلوث دائماً بمن لا نحب".
    لماذا مارست الحب إذن؟ ولماذا كنتعلى عجل؟ ألانك لفرط ما عاشرت جسدك مكتفيا بمتعته السرية, لم تعد تعرف التعامل معجسد غيره؟

    أذكر ذلك الصديق الذي قضى في سجن عربي ستة عشر عاماً بتهمةالانتماء إلى حزب محظور, تزوج في الأعوام الأخيرة, من محامية أحبته وانتظرتهطويلاً. كم من الأعوام قضيا يمنيان النفس بلقاء حميمي جميل, لا يكون فيه للحارس حقالتلصص على وشوشة متعتهما!
    وذات يوم أطلق سراح الرجل. هكذا , فجأة, ذات عيدقرروا أن يهدوه الحرية. ألقوا به أمام السجن مع صرة تضم بؤس متاعه. وما كان يدريأنه في تلك الأقبية الرطبة قد فقد وإلى الأبد عنفوان فحولته, إلا عندما احتضن بولعالسجين العاشق, تلك المرأة التي حلم بها طويلاً.
    أثناء تحسسه لجسد الحرية, ارتطمبعنة عبوديته, مكتشفاً أنه ما عاد قادراً على معاشرة أحلامٍ لا تمت إلى جسدهبصلة!
    منذ مدة سمعت بخبر انفصالهما, بعد أن أخفقت الحياة في ترميم ما ألحقتهالمعتقلات العربية من عطب بحبهما.

    أثناء هدر عمرك في الوفاء, عليك أن تتوقعأن يغدر بك الجسد, وأنت تتنكر لك أعضاؤه. فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحةلجسدك.
    بغروب آخر يوم في خريف القلب, ندخل في سباتٍ طويل لشتاءٍ عاطفي, مقتاتينبدسم الذكرى ومجزون الأمل الذي ما فتئنا كحيوانات القطب الشمالي نجمعه تحسباًلمواسم البؤس الجليدية.
    ذات جليد.. لن يسعفك اختباؤك تحت الفرو السميكللأمنيات.
    رويداً.. يضمحل قلبك العاطل عن الحب. تتقلص فحولتك العاطلة من التمتعوالإمتاع, وإذا كل عضو فيك لم تستعمله, قد اضمحل.
    تدري أنك مدين في الماضي للحبوحده بإنجازاتك الفحولية الخارقة, لكن زمن العشق ولى.
    خيباتك السابقة علمتكالاحتراس من حب يؤسس نفسه على كلمة " إلى الأبد". حب بعد آخر, مات وهمك بحب حدالموت, حب حتى الموت.
    كل مأساتك الآن تدور حول هذا الاكتشاف!

    ***

    في اليوم التالي, قصدت السوق المجاور لملء البرادوالتبضع بالمواد الغذائية, فلم يكن بإمكاني الإقامة في بيت, بدون الإنفاق عليه.
    كنت أتجول مكتشفاً مساحيق فرح نهايات الأسبوع على وجه باريس المرتجفة برداً, عندما استوقفني محل جزار يزين خطاطيفه الحديدية برؤوس الخنازير الوردية المعلقة, حاملة بين أسنانها قرنفلة ورقية حمراء.
    بقيت للحظة أتأملها, متسائلاً أهي إهانةللقرنفل أن يوضع في فم خنزير؟ أم الإهانة أن يتحول رأس كائن حياً إلى مزهرية لدىجزار؟

    أعادني المشهد إلى السبعينات, يوم كان جيراننا الأوربيون الآتون منأوربا الشرقية, لا ينفكون يخططون بحماسة ولهفة, لنهايات الأسابيع التي يذهبون فيهازرافات لاصطياد الخنازير البرية في الغابات المنتشرة على مشارف العاصمة.
    اليوم, لا أحد يجرؤ على القيام بجولة صيد, مذ أصبح القتلة ينزلون مدججين بالسواطير والفؤوسوأدوات قطع الرؤوس, ليصطادوا ضحاياهم من البشر من بين القرويين العزّل, ويرحلونتاركين للخنازير البرية مهمة قطع أرزاق من بقي على قيد الحياة, بإفساد وإتلافمحاصيلهم...
    كان اصطياد رأس خنزير ومطاردته في الغابات, يأخذ من الصيادين آنذاكوقتاً وجهداً أكثر مما يأخذه اليوم قطع رؤوس عائلة بأكملها من القرويين الذين يعرفالقتلة تماماً مواقع أكواخهم ولا يجدون صعوبة في ذبحهم كالنعاج.
    وكانت العودةبرأس خنزير واحد, تملأ الصيادين الأوربيين آنذاك زهواً. لكن صيادي الطرائد البشريةيلزمهم كثير من الرؤوس كي يضمنوا فرحة وجودهم على الصفحات الأولى للجرائد, فهميشترون برؤوس الآخرين صدارة خبر تتناقله وكالات الأنباء.
    هكذا ولدت ظاهرة الرؤوسالبشرية المعروضة للإشهار أ, للاستثمار, وأخرى للفرجة أو للعبرة, كتلك التي حدثلأمراء الموت عندما وجدوا متسعاً من الوقت, أن زينوا بها أشجار القرية كما أشجارأعياد الميلاد, وفخخوها لتكون جاهزة لتنفجر في أول من يحاول "قطف" رأسقريبه.

    في حرب "الرؤوس الكبيرة" التي بسقوطها يسقط وطن في مطب التاريخ, وتلكالصغيرة التي يلزم منها الكثير لتصنع خبراً في جريدة, وتلك النكرة التي لن يسمعبقطافها أحد, لا تستطيع إلا أن تتحسس رأسك, حتى وأنت أمام واجهة جزار في باريس. وتحزن من أجل
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #3
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 260
    Array

    القرنفل البلدي, الذي كان يتفتح في طفولتك, باقات من القرنفلاتالصغيرة, بذلك الشذى الذي ما عدت تشتمه في الورود, مذ قصفت أعمارها إكراماً لقصابيالعالم المتحضر.
    في مدينة كان هنري ميلر يتجول فيها جائعاً, وفي حالةانتصاب,متنقلاً وسط حدائق" , التويلري" غير مبصر سوى أجساد نسائية من رخام, عساهاتغادر عريها الرخامي وترافقه إلى فندق تشرده, لم أكن أنا سوى الرؤوس المعلقة في أيمكان, لأي سبب كان.
    حتى مومسات (بيغال) المنتشرات على أرصفة الليل, في هيئة لايصمد أمام غواية التلصص على عريهن رجل, لم أستطع وأنا أعبر شارعهن أن أقيم معأجسادهن العارية تحت معاطف الفرو, أية علاقة فضول. فقد كن يذكرنني بمشهد آخر تناقلتتفاصيله الصحافة العالمية لمومسات البؤس العربي. مشهد لو رآه زوربا لأجهش راقصاً, لنساء علقت رؤوسهن على أبواب بيوتهن البائسة في مدينة عربية, لا تخرج من حرب إلالتبتكر لرجالها أخرى. وريثما يكبر الجيل الآتي من الشهداء, كانت تفرغ البيوت منرجالها, ومن أثاثها, ومن لقمة عيشها, لتسكنها أرامل الحروب وأيتامها.
    لكن لاتهتم , زوربا.. يا صديق الأرامل لا تحزن. الجميلات الصغيرات لا يترملن. إنهن يزينقصور سادة الحروب العربية. وحدهن البائسات الفقيرات يمتن غسلاً لشرف الوطن, كما ماتأزواجهن فداءً له. وبإمكان رؤوسهن الخمسين التي قطعت بمباركة ماجدات فاضلات يمثلنالاتحاد النسائي, بإمكانها أن تبقى معلقة على الأبواب يوماً كاملاً تأكيداً لطهارةاليد التي قطعتها, كي يعتبر بها الفقراء الذين جازفوا بقبول مذلة " المتعة مقابلالغذاء", وتجرأوا على تمني شيئاً آخر في هذه الدنيا غير إضافة جماجمهم لتزيين كعكةعيد ميلاد القائد.
    يخطئ من يعتقد أننا عندما ندخل مدناً جديدة نترك ذاكرتنا فيالمطار. كلً حيث يذهب, يقصد مدينة محملاً بأخرى, ويقيم مع آخرين في مدن لا يتقاسمهابالضرورة معهم, ويتجول في خراب وحده يراه.
    "
    وما دمت خربت بيتك في هذا الركنالصغير من العالم فسيلاحقك الخراب أينما حللت". ولكنك لم تكن قد سمعت بعد بقول ذلكالشاعر, ولا كنت تظن أن حقيبتك محملة بهذا الكم من الجماجم. و إلا ما كنتسافرت.
    فاكتب إذن, أنت الذي مازلت لا تدري بعد إن كانت الكتابة فعل تستر أم فعلانفضاح, إذا كانت فعل قتل أو فعل انبعاث.
    تتمنى لو أطلقت النار على كل الطغاةبجملة, لكن من تنازل أيها الكاتب بقلم, في نزال كل غرمائك فيه يتربعون على عروش منالجماجم.

    كان عليك قبل أن تهجم على الأوراق أن تختار كلماتك بعناية ملاكم , أن تصوب ضرباتك إلى القتلة, بأدنى قدر ممكن من المجازفة. أن تكتسب تلك الموهبة. موهبة كتابة كتب غيبية, تسعى إلى سلامة صاحبها وراءته, غير معني بما تسببه روايةرديئة من أضرار, ولا جبن كاتب لا يمكن لقارئ أن يأتمنه على حياته أو يوصيه ثأراًلدمه.
    من تكون.. لتحاول الثأر لكل الدم العربي بكتاب. وحده الحبر شبهة أيهاالجالس على الشبهات. أكتب لتنظيف مرآبك من خردة العمر, كما ينظف محارب سلاحاًقديماً.
    مازال للقتلة متسع من الجاه.ولا وقت لك إلا ساعته, تدق بعده في معصمك.. تمد يدك بما يلزمها من القوة للكتابة.
    وبرغم هذا, قد لا تجد الشجاعة لتقص عليهما حل بتلك اللوحة!

    بعد يومين من إقامتي عند فرانسواز, هاتفت مراد حتى لايقيم الدنيا ويقعدها بحثاً عني في باريس, يعد أن تركت الفندق دون إخبارهبذلك.
    تحاشيت طبعاً إعطاءه تفاصيل عن إقامتي الجديدة. واقترحت عليه أن نلتقي فياليوم التالي.
    لكنه فاجأني بذلك الخبر الذي ما توقعته أبداً حين قال ليمعتذراً:
    انتهى الحب. وها أنا أرتعد عارياً كجذع شجرة جرداء.
    -
    لن أستطيع أنأراك غداً. سأكون مشغولاً بانتظار ناصر عبد المولى. سيحضر من ألمانيا للإقامة عنديبعض الوقت.. لكن إن شئت سنلتقي جميعاً بعد غد.
    سألته غير مصدق:
    -
    أيناصر؟
    -
    ناصر.. ابن الشهيد الطاهر عبد المولى. أنت تدري أنه يقيم منذ سنتين فيألمانيا بعد أن اتهم بانتمائه لجماعة إسلامية مسلحة. حصل على حق اللجوء السياسيهناك. لكن ليس بإمكانه طبعاً العودة إلى الجزائر ولذا سيحضر إلى باريس للقاء والدتهالتي لم يرها منذ سنتين. التقيت به مطولاً في ألمانيا.. واتفقنا أن يبرمج مجيئه إلىباريس عند استئجاري شقة كي يتمكن من الإقامة عندي, فهو لأسباب أمنية يفضل عدمالإقامة في الفندق.
    وهكذا كان مراد يزف لي خبرين: خبر مجيء ناصر, وحتمية مجيءأخته رفقة والدتها. فلم يكن من المعقول أن تأتي والدته بمفردها إلىباريس.
    أذهلتني صاعقة المفاجأة.

    أحقاً ستأتي تلك المرأة التي ماكان فيمفكرة حياتي موعد معها؟
    ستأتي , بعدما لفرط انتظارها ما عدت أنتظرمجيئها.
    سنتان من الانقطاع, تمددت فيهما جثة الوقت بيننا, وجوارها شيء شبيهبجثتي, فقد أحببتها لحظة دوار عشقي كمن يقفز في الفراغ دون أن يفتح مظلة الهبوط, ثم.. تركتها كما أحببتها, كما يلقي يائس بنفسه من جسر بدون النظر إلى أسفل. أما كنتابن قسنطينة حيث الجسور طريقة حياة وطريقة موت.. وحب!
    تلك التي لم يتخل عنهايوماً رجل,تخليت عنها, خشية أن تتخلى هي عني. كأنني القائل " رب هجر قد كان من خوفهجر\ وفراق قد كان خوف فراق".
    أكثر إيلاماً من التخلي نفسه, خوفي الدائم منتخليها عني.

    عكس العشاق الذين يستميتون دفاعاً عن مواقعهم ومكاسبهمالعاطفية, عندما أغار أنسحب, وأترك لمن أحب فرصة اختياري من جديد.
    كنت رجلالخسارات الاختيارية بامتياز. ما كان لي أن أتقبل فكرة أن تهجرني امرأة إلى رجلآخر.
    أنا الذي لم أتقبل فكرة أن يكون أحد قد سبقني إليها. كيف لي أن أطمئن إلىامرأة تزرع داخلي مع كل كلمة حقولاً من الشك.
    أذكر يوم سألتني لأول مرة إن كنتأحبها, أجبتها:
    -
    لا أدري.. ما أدريه أنني أخافك.
    في الواقع كنت أخاف التيهالذي سيلي حبها, فمثلها لا يمكن لرجل أن يحب بعدها دون أن يقاصص نفسهبها.
    يومها, فكرت أنني لا يمكن أن أواجه الخوف منها إلا بالإجهاز عليها هجراً. وكان ثمة احتمال آخر: اعتماد طريقتها في القتل الرحيم داخل كتاب جميل. فقد حدث أنأهدتني ما يغري بالكتابة. أشياء انتقتها بحرص أم على اختيار اللوازم المدرسيةلطفلها يوم دخوله الأول إلى المدرسة.
    وكنت بعد موت عبد الحق بأسبوعين, صادفتهافي مكتبة في قسنطينة تشتري ظروفاً وطوابع بريدية لتبعث رسالة إلى ناصر في ألمانيا. كانت تمسك بيدها دفتراً أسود, قالت مازحة إنها اشترته لأنه تحرش بها. سألتنيفجأة:
    -
    إن أهدينك إياه, هل ستكتب شيئاً جميلاً؟
    قلت:
    -
    لا أظنني سأفعل.. ستحتاجين إليه أكثر مني.
    لم تعر جوابي اهتماماً, توجهت إلى البائع تطلب منه عدةأقلام سيالة من نوع معين. قالت وهي تمدني بها " أريد منك كتاباً" كما لو قالت " أريد منك طفلاً". فهل كانت تريد أن
    █║S│█│Y║▌║R│║█




  • #4
    مشرف أخــبار متنوعة ( غريب جدا جرائم وحوادث طرائف ألخ) في كل أنحاء العالم
    الحالة : Don.Ayman غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2010
    رقم العضوية: 1026
    الدولة: U.A.E - DUBAI
    العمل: محاسب
    المشاركات: 3,321
    الحالة الإجتماعية: اعزب
    معدل تقييم المستوى : 260
    Array

    تستبقيني بكتاب, كما تستبقي امرأة زوجاً بطفل؟أم كانت تهيئني للفراق الطويل؟
    سألتها متوجساً مراوغة ما:
    -
    ما مناسبة هذهالهدية؟
    ردت مازحة:
    -
    بإمكاننا متى شئنا أن نخترع مناسبة . سأفترض أنه عيدميلادك.. إني ألدك متى شئت من المرات.
    كانت الأمومة خدعتها الجميلة, كخدعة أبوتيلها.
    أمدتني بالدفتر وقالت:

    - Bon anniverssaire!
    لم يكن بإمكانها أن تقول هذه الأمنيةإلا بالفرنسية أو بالفصحى.. فليس في اللهجة الجزائرية صيغة ولا تعبير بإمكانك أنتتمنى به لأحد عيد ميلاد سعيداً. بينما تفيض هذه اللهجة بمفردات التعازيوالمواساة.!
    ضحكت للفكرة. وجدتها تصلح بداية لكتاب يشرع جزائري في كتابته يومعيد ميلاده. لكنني لك أكتب شيئاً على ذلك الدفتر الذي أهدتني إياه, والذي نسيت أمرهعندما ذهبت للإقامة في " مازافران". ولم أعثر عليه إلا منذ مدة قريبة, والأصح أننيأنا الذي بحثت عنه.
    لتكتب, لا يكفي أن يهديك أحد دفتراً وأقلاماً, بل لا بد أنيؤذيك أحد إلى حد الكتابة. وماكنت لأستطيع كتابة هذا الكتاب, لولا أنها زودتنيبالحقد اللازم للكتابة. فنحن لا نكتب كتاباً من أجل أحد , بل ضده.

    دفترهاأمامي. وساعة يده في معصمي. وكل هذا الوقت المكفن ببياض الورق في متناولي. وأناأكتب عنها كما كنت أمارس الحب سراً معها, بالشراسة نفسها. في الحلم, كان يأتياشتهائي إياها عنيفاً لأنني أرفضها في اليقظة, وعندما كان ينتهي ذلك الفسق الحلمي, كنت أصرخ باسمها, ويجهش جسدي سراً بالبكاء, ثم أحزن وأكره يدي لساعات, أكره كلأعضائي التي تأتمر بأمرها.
    باليد إياها أكتب. بالعنف نفسه أستحضرها على الورق, ذلك أنه يلزمني الكثير من الفحولة لمواجهة عري البياض. ومن لم ينجح في مقاربة أنثى, لن يعرف كيف يقارب ورقة. فنحن نكتب كما نمارس الحب. البعض يأخذ الكتابة عنوة كيفمااتفق. والآخر يعتقد أنها لا تمنحك نفسها إلا بالمراودة, كالناقة التي لا تدر لبناًإلا بعد إبساس, فيقضي أعواماً في ملاطفتها من أجل إنجاز كتاب.
    لكن كيف لك أنتلاطف ورقة, وتجامل قارئاً, عندما تكتب على إيقاع الموت لشخص ما عاد موجوداً, مصراًعلى إخباره بما حدث.
    ما نفع العلم الذي يزيد الأموات حزناً!؟


    كانتحياتي مع فرانسواز قد بدأت هادئة وجميلة, ولكن بدون لهفة ولا شغف, يؤثثها ذلك الصمتالذي يلي ضجة الجسد, تلك الخيبة الصامتة, الندم المدفون تحت الكلمات.
    كل صباح, كان الندم الجميل يأخذ حماماً, يدخن سيجارة, يضع قبلة على الشفتين الشاحبتين. الندمالذي كان يدري أن الوحدة أفضل من سرير السوء, كان يلهو باختبار سرير جديد, كماليكذب ندمه. فمن عادة النوم أن يثرثر كثيراً قبل الحب وبعده, كي يقنع نفسه أنه ليسنادماً على ما ليس حباً!

    استيقظن في اليوم التالي, فلم أجد فرانسواز. ربماتكون نهضت باكراً إلى المعهد.
    قررت أن أتناول قهوتي الصباحية مع فينوس, الأنثىالوحيدة الموجودة بالبيت. كانت في وقفتها تلك في ركن من الصالون بحجم امرأة حقيقية, تبدو كأنثى تستيقظ من نعاسها الجميل على أهبة التبرعم الأنثوي الأخير, تنتظر لهفةيديك, أو أوامر من عينيك, لتسقط ملاءتها أرضاً وتصبح امرأة.
    كانت مثل أشياء ذلكالبيت, تخفي نصف الحقيقة, ملفوفة بانسياب يغريك بالبحث عما تحت ثوبهاالحجري.
    أنت لن تعرف شيئاً عنها, سوى أنه هو الذي اقتناها لأنها أنثاه. والمرأةالتي بإمكانه أن يعيش معها بدون عقد,إنها أكثر منه عطباً. ولكن ذلك لن يمنعها من أنتكون الأنثى الأشهر والأشهى.
    وأفهم أن يكون رودان قال إن لها القدرة على إلهابالحواس لأنها تمثل بهجة الحياة. هي دائمة الابتسام, تستيقظ بمزاج رائق كل صباح. لأنها, وهي إلهة الحب والجمال, لم تتلوث برجل. إنها أنثى بشهوات مترفعة!
    حتماًهي أسعد من نساء يقضين عمرهن كشجرة المطاط التي تزين الصالون, في انتظار أن يتكرمعليها صاحب البيت بالسقاية... مرة كل أسبوع!

    لاأدري كم من الوقت قضيت فيالتباس جسدي معها. أجيل نظري في جغرافية رغباتها؟ أتأمل جمالية أنوثة تحيط كل شيءفيها بلغز.
    في حياة المصور كثير من الوقت الصامت, من الساعات المهملة, ومن تلكالحياة البيضاء التي تسبق الصورة.
    ذلك الضجر المتيقظ, يخلق عنده وقتاً للحلم, ولذا بإمكانه أن يقضي ساعة في تأمل شجرة.. أو حركة الريح العابثة بستائر نافذة. أوانعكاس ضوء منار بحري على البحر, كذاك الذي كنت أقضي ساعات في تأمله.. في ليل " مازافران".
    لكن وحدها فينوس تعطيك الإحساس أن الجمال كما الحب والبهجة, كانزلاقثوبها الحجري, أشياء قد تكون عند قدميك, إن توقفت عن الركض قليلاً, وتأملتالحياة.
    ولذا, كان ذلك الوقت الصباحي الذي قضيته معها, أجمل من وقت ليلي قضيتهمع غيرها.
    لم أحاول استنطاقها بعد ذلك. ككل الأشياء الشامتة صمتاً في ذلك البيت. هي لن تقول أكثر. ماجدوى أن أنتزع منها اعترافات مخادعة؟
    حيث أنا قريب منها غريبعليها, لن أرى شيئاً. وحده شكي يرى.

    في خلوتي الأولى بالأشياء فقدت القدرةعلى رؤيتها. فقدت حتى تلقائية فهم أنني أثناء استنطاقها أصبحت بعض ذاكرتها. لقدشيأتني, وإذ بي الشيء العابر بها .. كغيري. وهي الكائن المقيم الثابت الشاهدعلي.
    بعد ساعة من الذهول الشارد أمامها تركت فينوس وخرجت إلى الشرفة أكتشفالمنظر وألقي تحية الصباح على " جسر ميرابو".
    استناداً إلى رواية تلك الكاتبةالتي لا تصدق إلا في الروايات, بإمكاني أن أكون واثقاً على الأقل من أنهما وقفا هناذات مطر..
    كما اليوم, وأنه قبّلها طويلاً هنا على مرأى من الجسر, بعد أن قرأعليها شيئاً من قصيدة السياب.
    أما زال الجسر يذكر قبلة جزائريين ائتمناه علىحبهما؟ وتحت قدميه الأبديتين يجري نهر لم يؤتمن على أرواح الجزائريين ذات أكتوبر 1961 عندما طفت عشرات الجثث التي ألقيت إليه مكبلة؟

    لو أن للسين ذاكرة لغيرالحزن مجراه.
    اثنا عشر ألف معتقل فاضت بهم الملاعب والسجون, وستمئة مفقود وغريقتوقف قدرهم فوق الجسور الكثيرة التي لم تول النظر لجثثهم الطافية وهي تعبرتحتها.
    أفهم عجز خالد في تلك الرواية على إقامة علاقة ود مع هذا المنظرالجميل.
    لست عاتباً على نهر " السين" ولا أنا على خلاف معه. فذاكرة المياهالمحملة عبر العصور بجثث من كل الأجناس, لا تستطيع أن تفرق بين الهويات, ولا يمكنهاالتمييز بين جثث الفرنسيين الذي ألقوا سنة 1789 إلى هذا النهر باسم الثورة.. وجثثالجزائريين الذين
    █║S│█│Y║▌║R│║█



  • صفحة 5 من 16 الأولىالأولى ... 3456715 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. سرير مرسيدس رومانسي
      بواسطة En.Khaled Alfaiomi في المنتدى صور طريفة مضحكة كاريكاتير
      مشاركات: 11
      آخر مشاركة: 07-26-2010, 05:34 AM
    2. أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 1
      آخر مشاركة: 07-06-2010, 02:28 AM
    3. زوج يجعل من ابنة زوجته الطفلة ضرة لها ويعاشرهما على سرير واحد
      بواسطة روح الحلا في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 3
      آخر مشاركة: 05-31-2010, 09:28 AM
    4. جميع روايات احلام مستغانمي
      بواسطة سوسن في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 2
      آخر مشاركة: 05-01-2010, 01:44 AM
    5. مقالة للكاتبة والأدبية أحلام مستغانمي
      بواسطة SHARIEF FATTOUH في المنتدى ملتقى الحـــوار العام للمغتربين السوريينDialogue Discussion Forum
      مشاركات: 6
      آخر مشاركة: 03-13-2010, 09:24 PM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1