لم يبرح الروض فيه الماء و الزهر و لم يزل في السماء الشمس و القمر لكنها الآن في أذهاننا صور شوهاء لا القلب يهواها و لا النظر قد انطوى حسنها لمّا انطوى الشاعر
*
قل للمغنّي الذي قد غصّ بالنغم إنّي نظيرك قد خان الكلام فمي و مثل ما بك بي من شدّة الألم أما العزاء فشيء زال كالحلم كيف السبيل إلى خمر و لا عاصر !
*
مضى الذي كان في البلوى يعزّينا و كان يحيي ، إذا ماتت ، أمانينا و يسكب السّحر أنغاما و يسقينا مضى " نسيب " النبيّ المصطفى فينا و صار جسما رميما في يد القابر
*
كم جاءنا في اللّيالي السود بالألق و بالندى من حواشي القفر و العبق و بالأغاني و ما من صادح لبق و إنّما هو سحر الحبر و الورق السحر باق و لكن قد مضى الساحر !
*
كالشمس يسترها عند المسا الغسق و نورها في رحاب الأرض منطلق تذوي الورود و يبقى بعدها العبق حتى لمن قطفوا منها و من سرقوا كم عالم غابر في عالم حاضر
*
إن كان مات " نسيب " كالملايين من العبيد الموالي و السلاطين فالحيّ في هذه الدنيا إلى حين لكن نسيب إلى كلّ الأحايين و إن نأى و سما للعالم الطاهر
*
لسوف يرجع عطرا في الرياحين أو نسمة تتهادى في البساتين أو بسمة في ثغور الخرّد العين فالموت ما هدّ إلاّ هيكل الطين لا تحزنوا فنسيب غائب حاضر