عند الغُروب جَاءت الذِكرَى



كانت تغوص رويدا رويدا
و انا اراقبها و اودعها
و هي تعانق البحر و تغوص فيه شيئا فشيئا
كم كان منظرا جميلا و رائعا
و اخذ الشفق يتزين باللون الاحمر و كانما الشمس لونته له عند مغادرتها
او انه كان خجلا من شيئ لا اعلمه انا




و ما فارقت كرسي حتى اخذت السماء تتستر بالعتمة
و بدأت مصابيح السماء بتزينها
و كم تلألأت و ظهر بينهم القمر المنير و هو هلال صغير
فهل تعتقد ان يمر مثل هذا المنظر و انا اتفرج
نعم اخذت قلمي لاكتب

و لكن عندما امسكته اخذت تضيع مني الكلمات و تتبعثر و تهرب
تارة الى ماض عشته بالحب و الوعود
عشت فيه احلى الايام على اعتقادي في ذلك الوقت
كنت اعد النوم في ليالي هذا الماضي
كنت اناجي القمر و كم كان يشبهها بل كانت اجمل بكثير منه
و تارة الى ماض عشته بالم
و ما احببت حتى ذكراه و ما اطول لياليه
ليالي الفراق و الالم و البعاد
ليالي الغربة و الهجر
ليالي كنت اخشى ان انظر الى النجوم فيذكروني
كنت اخشى من الليالي المقمرة
كنت اخشى القمر و ان اناظره فيعاتبني
كنت اخشى ان يسائلني فما عندي جواب

و تارة الى ماض تفككت فيه اسرتي امام اعيني
و انفرط العقد و ما استطعت ان الملم أي شئ من الؤلؤ
و انا ارى كل حبة من الجمان تنحدر بمكان ما
و تهوى الى رقعة ما
و انا اراقب و لكن ما كان باليد حيلة ابدا





و تارة الى ماض ما عرفت فيه الله
و ما عرفت لذة الطاعة
و كم يؤلمني هذا الماض و لا يغادر راسي ابدا

و تارة الى ماض يبكيني
ماض يذكرني بشاطئ البحر المقبل لمنزلي
كم كنت ازل اليه و تمسكني يدين من اليمين و الشمال
و كبرت و اصبحت انزله و لكن ما عادت يدي اليمن مقيدة باليد الحنون
فقد غادرتني و بت انزل اليه بيد واحدة فقط
كم كان يبكيني و انا ارى غيري ممسكا بيد واحدة فقط
و تارة الى ماض يضحكني
و نحن الصغار نجري في تلك الحديقة
و البراءة لا تغادرنا
و الطفولة تملئ اجسادنا
و كم كنا نضحك ايامها
و كبرنا و افترقنا كل في طريقه بالحياة
و ما عدنا نلتقي الا بالصدف او بالمناسبات


و تارة الى ماض ليس ببعيد عندما كنت في احدى الاحياء
و ان اركن سياتي و اريد ان انزل لاحد الاماكن
كم كان الطريق يعج بالمارة و لكن
في وسط الزحام و كثرة المارة
و انا انظر الى خلفي تعطلت الطريق
و اختفت الناس و بدأت تتسارع الافكار
و تزداد دقات قلبي و ما عدت اشعر بغيرها في المكان
نعم طلت كالقمر و ارجعت معها ماض قديم
ما شفيت منه كل الشفاء و ان اعتقدت غير ذلك
طلت كما البياض في وسط السواد كما الجوري في وسط الخضار
و اخذت تتسارع الافكار و تتلخبط و تتخبط و تتارجح و تتهاوى
الى ان نزل نظري قليلا
لارى يديها و هم يمسكون عربة فيها طفل صغير
و كم كان يشبهها
في لحظة توقفت كل الافكار و كانما احدهم تناول راسي بضربة قوية
حتى يوقظني من ماض كاد ان يعود




تارة الى ماض محزن
و تارة الى ماض مضحك
و تارة الى ماض محرج
و تارة الى ماض مؤلم
و تارة الى ماض غريب
و تارة الى ماض اكثر من الغريب
و ضعت قلمي على طاولتي
و امسكت اوراقي و مزقتها و نثرتها الى البحر
فما المني اكثر مما افرحني
خذها يا بحر و لا تحاول تجميعها
بل دع امواجك تشتتها كل جزء بمكان
و كل ماض اعده لزمانه ما عدت اريد ان اذكره
و ما عادت الذكرى تنفعني و ما عاد الماض سهل ذكراه


مما راق لي