سوريا الحبيبة عريقة في تاريخها وحضارتها
لنقرأ يا أحبتي عن مدن قد لايعرفها البعض والتي تدعى
المدن المنسية

وسوف يكون الموضوع على جزأين

ولنبدا بالجزء الأول


مجموعة مدن أثرية قديمة أطلق عليها علماء الآثار اسم المدن المهجورة أو القرى المنسية أو العتيقة، تنتشر في جبال “الزاوية” و”الوسطاني” و”الأعلى” و”باريشا”، ففي جبل “الزاوية” في منطقتي “أريحا” و”معرة النعمان” توجد “الجرادة” و”الرويحة” و”البارة” و”سرجيلا” و”بعودا” و”بترسا” و”بشلا” و”مجليا” و”ربيعة” و”شنشراح” و”واد مرتحون”، وفي جبل “الوسطاني” في منطقة “جسر الشغور” لدينا “بنصرا” و”كفرتعقاب” و”الفاسوق”، وفي جبل “باريشا” في منطقة “حارم” هناك “قلب لوزة” و”كرك بيزا” و”الكفير”، وفي الجبل “الأعلى” أيضا في منطقة “حارم”، يوجد “باقرحا” و”دارقيتا” و”خربة الخطيب”.





وتشمل المدن المنسية أيضاً: قلعة كلونة كيمار – قلعة نجم برج حيدر – النبي هوري – كفرقدو أو كفر قابو – براد ودير براد – كنيسة المشبك – خراب شمس – “تل مرديخ” حاضن مملكة “إيبلا” العظيمة، وآثاراُ تحيط بقلعة سمعان مثل تقلة ورفادة والقاطورة وست الروم ودير سمعان “تيلانيسوس”، ومن مدن إدلب المنسية ترمانين والدانا وسرمدا وتل عقبرين والأتارب وتلعادة، وهي مازالت مأهولة وتضم أوابد بيزنطية تنتشر فيها مغاور كثيرة كما في قرية المغارة في جبل الزاوية حيث أعيد في العهد البيزنطي استخدام المغاور.
والجدير بالذكر أن خمسة من التجمعات الثمانية التي يتضمنها الملف المقدم إلى “اليونسكو” تقع في محافظة “إدلب”.






قدر عالم الآثار جورج تشالنكو أعداد هذه المدن والقرى بـ 778 موقعاً، منها 135 تقوم على خرائب مسكونة، و322 موقعاً قامت على أنقاضها تجمعات سكنية حديثة، و321 موقعاً محفوظاً بشكل مناسب، غير أن تغييرات كبيرة حدثت في تلك المنطقة نتيجة التوسع السكاني والسكن فيها واستخدام حجارتها للبناء وأبنيتها كحظائر للمواشي وأراضيها للزراعة، ولم يعد عدد هذه القرى والمدن يتجاوز60 موقعاً.
بنيت المدن والقرى المنسية وفق أسلوب معماري واحد أطلق عليه علماء الآثار اسم فن العمارة السورية – تمييزاً عن فن العمارة الكلاسيكية اليونانية والرومانية – لهذا تستحق الحفاظ على جمال عمارتها، كونها محوراً لنشاطات سياحية تثير الإعجاب بجمالها وعظمة بنيانها وفرادته، حيث تتميز بأسلوب زخرفة جميل لا مثيل له في العالم من الداخل والخارج، وتعكس مرحلة من مراحل تطور فن الفسيفساء من الأسلوب الكلاسيكي بجماله الجسدي واعتماده الأساطير الوثنية، إلى الاسلوب الديني، ولاسيما المسيحي، ببساطته وإهتمامه بالجمال الروحي واعتماده على الرموز الروحية والزخرفة النباتية والحيوانية، ما شكل مرحلة في الإنتقال إلى فن الفسيفساء الإسلامي.
وتحكي هذه المدن والقرى جزءاً مهماً من تاريخ الأجداد ومحاولتهم تخليد استقلاليتهم عن روما وبيزنطة، لاسيما بعد انتصار المسيحية النهائي في القرن الرابع عشر الميلادي، ففي هذه المدن تطور بناء الكنائس من الكنيسة المضافة أو غرفة الإستقبال إلى الكنيسة الكاملة “البازليك ” أو الكاتدرائية، ونشأت فيها الحياة الديرية التي انتقلت منها إلى أوروبا، والتي تجمع بين العمل والعبادة، كما نشأت حركة القديسين العموديين ومن أبرزهم القديس سمعان العمودي، وقد كانت كنيسته لفترة طويلة من أعظم كنائس العالم المسيحي باعتراف المؤرخين، كما أن نماذج الكنائس التي بناها المعماري السوري العظيم المدفونة رفاته في كنيسة قصر البنات “قيروص فيريانوس” هي الأساس في كثير من الكنائس الأوروبية اللاحقة..‏
ولايزال سكان المنطقة يعيدون سيرة أسلافهم في العديد من نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية، إذ تعد زراعة الزيتون مورد رزق رئيسياً للسكان، كما تحتل أشجار الكرز مساحات واسعة إلى جانب كروم العنب التي اشتهرت فيها المنطقة منذ القدم بسبب صناعة الأنواع الفاخرة من النبيذ والزيت.

باعودا: تقع شمالي غربي جبل باريشا على الطريق الرومانية (أنطاكية ـ حلب)، يغلب على مبانيها الطابع التجاري، و تتميز بالمقابر الهرمية، وهي عبارة عن برج أسطواني يبلغ ارتفاعه ما بين15و30 متراً ويرتفع فوق قاعدة ذات شكل تكعيبي، بينما يكون المنظر العلوي للبناء على شكل هرمي.



دير قيتا: مدينة مهجورة ازدهرت في القرن /5/ م، من أوابدها /3/ كنائس ومعاصر زيت وفيلات.




كسيجة: تقع إلى الغرب من مدينة حلب بالقرب من بلدة سرمدا على تلة عالية، تطل على طريق الذهاب إلى تركيا في باب الهوى الحدودي.




سرجيلة: تقع شمال شرق حارم في جبل حلقة، أهم أوابدها كنيسة بازليك وهيكل وثني وبرج مؤلف من أربعة طوابق تعود آثارها إلى فترة ما بين القرن 1-6.




باقرحا: تعود إلى 200 – 600 ميلادي، تحوي كنيستين مميزتين، الكنيسة الشرقية تعود إلى 546 ميلادي، وهي عبارة عن كاتدرائية فيها ستة أعمدة من الخلجان، بناها كيروس المهندس المعماري الشهير، بقي منها الواجهة الغربية وصحن الكنيسة، أما الكنيسة الأخرى الغربية فكانت على الأرجح تقع ضمن مجمع رهباني، لم يبقَ منها سوى الجدار الشرقي.
وعلى الحافة الجنوبية هناك معبد من أصل روماني يعود تاريخه إلى 161 ميلادي، ومعبد مكرس لزيوس بومبوس، ولكن ربما كان هذا الموقع مركز عبادة للسامية.






كنيسة قلب اللوزة: تقع قلب اللوزة جنوب عفرين بالقرب من باب الهوا على بعد 65 كم غربي حلب، وتبعد عن حارم 11كم، تعتبر من روائع الفن السوري في العصر البيزنطي، فبها كنيسة الثالوث الأقدس بحالة جيدة نجت من اثني عشر قرناً أو ثلاثة عشر، وفيها لوحة أثرية تعود إلى عام 480م، تتجلى فيها جميعاً الجودة المعمارية والزخرفة الجميلة التي نجدها في أصغر التفاصيل
ويتبعها كرك بيزة وفيها كنيسة واضحة المعالم ترقى إلى أواخر القرن الثالث ولعلها من أقدم الكنائس المشيدة في سورية، وعدا عن الكنيسة فهنالك أطلال متناثرة لمبان مختلفة الوظائف





دير سيتا: موقع أثري يقع على المنحدر الجنوبي الشرقي لجبل باريشا، شمال غرب معرة مصرين يبعد عنها حوالي 8 كم، تعود آثاره إلى الفترة الرومانية – البيزنطية، ما بين القرنين الأول والسادس الميلاديين، أهم آثاره موقع كبير فيه ساحة ومعصرة زيتون ومدفن خاص لمالك الموقع وكنائس في شماله وشرقه، ويحتضن جبل باريشا في موقع خربة داحس ضريح محمد ابن الحنفية بن علي بن أبي طالب شرق قرية باريشا.
كما أحصي في المنطقة حوالي (115) داراً، وأطلال خمس كنائس أفضلها حالاً البازليك الشمالية التي ترقى إلى القرن السادس الميلادي.

يتبع