اذا كانت المرأة تعتبر الدموع سلاحها في مواجهة القهر الذي يمارسه عليها الرجل أو المجتمع ، فماذا تكون الدموع بالنسبة للرجل؟
فالكثير من الرجال يعتبرون الدموع شكل عام حالة ضعف، فدموع الرجل هي الشكل الذي يمكن أن يكشف هذا الضعف، لكن السؤال المطروح هو: كيف يبكي الرجل ولماذا؟
أسئلة نادرا ما يتطرق إليها أحد ، وتحديدا ونحن نعيش في مجتمع ذكوري يرفض دموع الرجل ولا يتقبل ضعفه أيا كان هذا الضعف.

يشير الدكتور سري ناصر استاذ علم الاجتماع إلى أن الدموع بالنسبة للرجل غالية ونادرا ما يسمح لها، وهناك تقاليد اجتماعية تمنع الرجل من البكاء استنادا إلى تاريخه الذكوري، وكذلك نظرا لما يهيئوه المجتمع للرجل في المجتمعات العربية من حصانة تجعله صلب المراس ومقاوم للضعف الذي ينظر إليه باعتباره للنساء فقط.

لكن البكاء في النهاية جزء من الطبيعة البشرية ، ولا بد ان يدرك الجميع بمن فيهم الرجال أن الخجل من الدموع أمر مرفوض، ويتعارض مع الطبيعة البشرية التي تحتمل القوة وتحتمل الضعف في نفس الوقت.

وعادة ما يبكي الرجل حين يشعر بالقهر من مسؤول ظلمه ، أو حين لا يجد ما يسد به جوع أطفاله، أو حين يشعر بالظلم، أو حين يوخز ضميره تجاه شخص يشعر أنه ظلمه.

وهي حالة تصيب الرجل الشفاف الذي لا يحب أن يجرح أحدا مهما كان، وأحيانا يبكي الرجل اذا ما خانته حبيبته أو هجرته زوجته أو تنكر له ابناؤه أو فقد عزيزا عليه. ومن الناس من يحمل البكاء على كاهل الضمير الذي غالبا ما يكون يقظا وحساسا لابسط الامور.

وهناك من يذرف الدموع حين يشعر بخيبة الألم. وتجد بعضهم يذرف الدموع في لحظة غريبة كأن يتذكر شيئا أو انسانا ما أو حين يسير في شارع ويستحضر روحا عزيزة عليه، وإذا مر بمكان أعاده لي دفاتر الذكريات التي تمزقت اوتلاشت.

ويرى اخرون أن دموع الرجل أمر إيجابي حتى لا تتحول الدموع إلى آلام تدمي القلب وتجرح الوجدان،وهنا البكاء أفضل، ويعلل هؤلاء الأمر على أنه يريح النفس من أحزانها ومن موادها الخطرة التي يمكن أن تلوث البدن وتحول الحزن إلى حالة مرضية عضوية، وبخاصة اذا كان الرجل الباكي حساسا ومثاليا في حياته.

كذلك ثمة دموع الفرح التي تنزل حين نستقبل خبرا مفرحا وغير متوقع، أو حين ننتظر شخصا عزيزا في المطار أو حين نحصل على جائزة. ولكل طريقته في التعبير عن فرحه.