كثيراً ما تحدث المختصون عن الزيادة السكانية الكبيرة وعن الأرقام المرعبة التي تدل عليها الإحصائيات، وفي جميع الأحوال فإن التحدث عن إمكانية تحديد النسل والاكتفاء بعدد قليل من الأولاد يُقابل دوماً بمجابهة قوية من حملة لواء الدين وهذا حقهم فالآيات والأحاديث في هذا الموضوع صريحة


قوله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً، وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل : أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك. قال : ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك.

دعونا نفكر بطريقة أخرى.... قتل النفس من أعظم الجرائم ولا يجوز قتل النفس إلا بالحق ، فكيف يمكن لانسان أن يفكر أن يقتل ولده ؟؟ هذا أمر لا شك ولا جدال فيه ، لكن قبل أن يخلق هذا الولد، هل للزوجين الحق في التفكير في تنظيم أسرتهم ورسم مخطط هيكلي لها ، بغض النظر عن مدى نجاحهما في تنفيذ ذلك المخطط ؟؟ أم أنهما يجب أن يقرا أن هذا الأمر يجب أن يترك عشوائياً !!!

لماذا نظن أنهم على خطأ ونحن على صواب، أؤلئك الذين لا يسمحون لك أن يصبح عدد أفراد أسرتك ستة أشخاص وسيارتك مخصصة لخمسة ركاب ؟؟ ويطلبون منك تغيير مسكنك الذي يستوعب خمسة أفراد إلى مسكن أكبر إن أردت أن يزداد عدد أفراد أسرتك ولو فرداً واحداً !!

ربما تظن أنها مدنن للكبار فقط عندما تتجول في بعض المدن الاوربية خلال النهار فلا تشاهد طفلاً، فالطفل مكانه في البيت والمدرسة وفقط، أما في العطلات والمناسبات فهم يخرجون مع أهاليهم إلى الحدائق والأماكن العامة وبطريقة منظمة يكون الحرص على سلامتهم في أعلى درجاته.


لماذا نحن نمتلك عدائية كبيرة ضد التنظيم في كل شيء ؟؟ أليس الأبناء هم أبناؤنا ؟؟ ومن المفروض أن يكون حرصنا عليهم ، على تربيتهم وتعليمهم أكبر من حرص الغير ، سواء كان هذا الغير جهة رسمية أو مؤسسة تعليمية ؟؟

هل من الخطأ أن أعترف أنني فقير ، وأن فقري يضطرني إلى ساعات عمل أكثر وبذلك لن أتمكن من الحصول على الوقت الكافي لتربية مجموعة كبيرة من الأولاد فأكتفي بعدد أقل ؟؟هل من الخطأ أن يعترف أحدنا أن زوجته لا زالت صغيرة ولا تمتلك الخبرة الكافية في تربية الأطفال والاعتناء بهم، فيبدأا بطفل واحد ويأخذا الوقت الكافي في التقدم في تربيته ؟؟

كلنا يعلم أن الدولة تبني المدارس وبكثرة، وكلنا يعلم أن الزيادة السكانية تفوق المتوقع، لماذا لا يأخذ المواطن دوره ويتفهم أنه هو يساهم في جعل الدولة عاجزة عن مواكبة ذلك التضخم السكاني، أحب هنا أن أورد مثالاً، الكل ينظر إلى من حوله ، إلى أي زوجين تزوجا قبل 40 سنة ، كان العدد اثنان ، كم هو العدد الآن مع الأولاد والأحفاد ؟؟ أنا أظن أنه في المتوسط يتجاوز الثلاثين فرداً ، أي بنسبة زيادة تعادل 15 ضعفاً.


ليس منطقياً أن يقوم المواطن بخلق أعباء على الدولة دون أن يفكر هو بالمساعدة في طريقة حلها أو تخفيفها. فمشاكل الفقر والبطالة ستفرز في النهاية فساداً إجتماعياً سيشتكي منه الجميع.

الشيء الذي يحز في النفس أن الفقير المعدوم لن يجد سبيلاً لقراءة ومراجعة تلك الأفكار ويظل - وبدون دراية – يطرح المزيد من مشكلاته معتقداً أن هناك من هو مسؤول عن حلها.

أما الغني فإنني رأيته يسعد كثيراً ويفخر عندما يقدم مساعدة في إطعام الفقير قبل أن يموت جوعاً ، دون أن يفكر بتقديم وتنفيذ مشاريع تنهض بهذا الفقير وتنتشله من درجة الفقر.

أخيراً ، إن كان السؤال هو: من هو المسؤول فأنا أقول أن الجميع مسؤول لكن المسؤولية الكبرى هي لأهالي الأبناء أنفسهم، يليهم كل من لديه القدرة على نشرة التوعية بين الأهالي بأية طريقة.